Wednesday 27 February 2013

التصميم والمصمم

إن قدرة المصمم على ترتيب العناصر مع بعضها البعض هي التصميم، وهي الطريق التي يضع فيها المصمم قراءاته للفكرة على هيئة بصرية. التصميم بالنسبة للمصمم هو كل ما تعلمه اثناء دراسته من مبادي تصميم الجرافيك حتى ينتهي بمشروع التخرج. هو مشوار طويل من التجربة والخبرة في التعلم وهوكفاءات ومهارات مكتسبة تراكمياً، للأكاديمية دورا فيه وللمصمم نفسه الحصة الاكبر في التعلم الذاتي الناتج عن قدرته على ترجمة ما اكتسبه من مهارات وخبرات الى ادوات يمكن توظيفها في حياته المهنية,
في دراسته مارس المصمم العديد من التطبيقات المتنوعة منها ما تضمن الخيال ومنها ما هو بصري من عناصر جرافيكية (رسوم اصطلاحية ، صور وعلامات ورموز واشكال) احرف وكلمات ونصوص وحتى اسطح من مواد مختلفة ترتبط ارتباط عضوي بنهايات التصميم. سطح ورقي وآخر معدني وغيره زجاجي ويمكن ان تكون شاشة عرض مرئي. مراحل ما قبل الطباعة ومراحل الطباعة. 

البعض قد يقول ان التصميم ليس فناً، وهو حرفة ولا يحتاج الى موهبة بل تقنيات. ولكن الحقيقة تقر انه فن وحرفة والموهبة داعمة له نحو الابداع والابتكار. وهذه المسميات تفرض بنفسها على المصمم لكي يجعل من نفسه باحثا ومخططا وواضعا لبنود عمليته التصميمية. يحدد من خلالها آلية تنفيذ التصميم وكيفية التطبيق وعلاقاقت تصميمه بنهاياته وجمهوره المستهدف. انه ممارسة تطبيقية لفكر نقدي تحليلي ابداعي يتحدد على اساسها مفهوم التصميم الوظيفي والجمالي.لهذا قد نجد تصاميم جيدة ولكنها لا تصل الى حدود الابداع والابتكار او التميز، وحتى يكون هذا التصميم او ذاك متميزا وفي حيز الابداع لا بد من ان ينطلق من فكرة متميزة وهذا ما يجعله حل مثالي لمشكلة بصرية في العرض او التوجيه او الترويج.

من الطبيعي ان يبدأ المصمم بترجمة أفكاره منذ البداية من خلال الرسوم الأولية (sketches) بالرصاص او الحبر او اي قلم آخر يجيد المصمم الرسم به. تعبر هذه الرسومات الاولية عن الافكار التي يختزنها المصمم في عقله ويراها مفتاحا للسير بها الى الحل. البعض قد يندهش من فكرة الرسم ، او يستهزيء من هذا الطرح في ظل وجود الكمبيوتر( حالة تكاد تكون سبب في غياب دفر الرسم عن ادوات بعض الطلبة) ، علما بان ظاهرة الرسم الاولي عند المصممين ما زالت شائعة في العالم وعند استطلاعنا لمصممين مشهورين نجد بين صفحات مواقعهم نماذج لافكارهم الاولية وقد تم تطبيقها باستخدام الرسم اليدوي، وذلك لعلم المصممين باهمية الرسوم الاولية لعرض ودراسة افكارهم كنقطة انطلاق في مراحل تطوير الفكرة وتحديد الهدف والاستراتيجية المعتمدة على فهم المصم لنتائج بحثه حول الموضوع المطلوب تنفيذه والجمهور المستهدف وغير ذلك من امور مرتبطة بموضوع التصميم وتجيب على اسئلة قد يتعرض لها المصمم في عمليته التصميمية.

المام المصمم باجابة السؤال المتعلق بالسبب من وراء التصميم وتنفيذه (لمن يصمم وما هو المطلوب وكيف يوصل رسالته) ستدعوه بالتأكيد الى ان يصمم لتحقيق هذه الاهداف, فهو لا يصمم لنفسه وكيفما احب!
ومن المهم ان لا يتردد المصمم في البحث عن الاجابات المناسبة للأسئلة التي يواجهها ويمكن ان يأتي بها من زبونه او من خلال عملية البحث ليغدو على بينة من الامر.

المصمم الماهر يحرص على عدم الاستقرار عند فكرته الاولى والالتصاق بها كحل نهائي بل المطلوب منه اختيار الفكرة الامثل من بين مجموعة الافكار التي وضعت للغاية المرجوة لتحقيق هدفها الوظيفي والجمالي والولوج بفكرته نحو التميز. وبذلك يتخطى بعض المعيقات التي قد تواجهه في عمليته التصميميه باعتماده على ذكلئه، ومتابعته وثقافته التي تنتمي الى معرفته الواسعة او الشاملة التي تساعده على احتضان الافكار وبغزارة.

سعة اطلاعه وشمولية معرفته وخبراته المكتسبة ستساعده على انشاء قاعدة من المبادي والحاجات والمتطلبات الخاصة بعمليته التصميمية والتي يتفق عليها ايضا الجهة الطالبة للتصميم. ان امتلاك المصمم لمواصفات الاطلاع وشمولية المعرفة المدعومة بخبراته ستمكنه من امتلاك لغة تواصل خاصة ومقنعة لزبونه، وتساعده على تفادي بعض اراء زبونه التي عادة ما تكون ذاتية ( أحب أو لا أحب)، مما يجعل لغة المصمم اكثر مهنية وفي سياق المباديء التي اتفق عليها مع الزبون. انها ببساطة قدرة المصمم على الاقناع من خلال مخاطبة العقل من خلال اعتماده اسبابا وظيفية وجمالية للغته البصرية وفهمه لسيكولوجيا التصميم ومتطلبات العرض او التوجيه او الترويج.
هذه المعرفة هي عماد شراكة دائمة ومتوازنة بين المصمم والزبون يقذف بها بعيدا كبرياؤه واعتزازه بنفسه المرتكز الى العاطفة او الغرور وتقبله بعقل متفتح وواع للنقد دون ان يتأثر عمله. من هنا يبدأ بالنظر الى تصميمه بعين متفحصة ومنصبا نفسه مشاهدا لا مصممما فقط، مقيَما لعمله قبل مقابلة زبونه او عرضه لتصميمه ليتمكن من ادراك الحلول في وقتها وتحديد ادوات الاقناع.

قدرة المصمم على الابداع تأتي من خلال قدرته على الانتقال بسلاسة بين تفاصيل التصميم من البداية وحتى الوصول للغاية اي نهايات التصميم. وكونه مبدعا سيكون قادرا على نهج قراءة صحيحة للتصميم وعمليته التصميمية.

 نشر على صفحات موقع فنون الخليج في 27/2/2013

Monday 25 February 2013

امتحان الكفاية لطلبة تصميم الجرافيك فـي الجامعات الاردنية

عند تناولي لهذا الموضوع فأنا لا انكر ابدا الاسباب الداعية لهذا الامتحان، ولا انكر ابدا حرص المسؤولين في التعليم العالي على نوعية التعليم في جامعاتنا الاردنية وحرصهم ايضا على ان يكون المنتج لمثل هذا التخصص ضمن المواصفات والمقاييس الدولية.
لهذا اقدر امتحان الكفاية الذي انضم اليه تخصص تصميم الجرافيك، هذا التخصص الضيف العزيز والذي لم يتجاوز عمره الاكاديمي 22 عاما وعمره المهني الحقيقي 16 عاما، هذا التخصص اليافع الذي يجهله الكثيرون، لا يعرفون ما هو ؟،وما الفرق بينه وبين رديفه فن الجرافيك وغيره من الفنون؟، وهذا اللغط نجده ان تتبعنا بعض الخطط الدراسية في بعض الكليات والاقسام الجامعية التي تدرس تصميم الجرافيك، وحتى في كليات المجتمع مما ادى الى اختلاط المهام وعدم كفاءة المنتج الخريج عند البعض القليلون، فأصبح كل متخرج هو مصمم جرافيك حتى من يحصل على دورة في مركز لخدمات الكمبيوتر لمدة 30 ساعة هو ايضا مصمم جرافيك.
الى جانب ذلك ندرة المتخصصون الذين هم قادرون على تدريس هذا التخصص بمفهومه العلمي والفني، وكثرة غير المتخصصين الذين يدرسون هذا التخصص دون علم بأن هذا التخصص هو فن مرتبط بالصناعة والتكنولوجيا، فن له علاقة وطيدة بالطباعة وتكنولوجيا المعلومات، وان 70% من خططه الدراسية في العالم هي تطبيق عملي الى جانب بعض المواد النظرية التي تنقسم ما بين المواد الالزامية الداعمة والتي تهدف الى تعزيز المصمم بقدرات خاصة تؤهله على ان يكون قادرا على خلق فكرة ذات نهايات وغايات مرتبطة بجمهور محدد من خلال استخدام تقنية محددة توظف لتنفيذ الفكرة ولتجعلها سهلة للتواصل مع الجمهور، ومواد اخرى ترفع من ثقافة المصمم ولكن لا علاقة لها باسلوب بناء الفكرة وشروطها ومناهج تنفيذها.
الهدف من الخطة الدراسية هي ايجاد مصمم فنان قادر على التعاطي مع متطلبات السوق الابداعية والتقنية، فالتصميم لمادة مطبوعة له مواصفات ومتطلبات تقنية خاصة تختلف عنه في تصميم مواقع الانترنت والاقراص المدمجة، بمعنى آخر لكل وسيط من وسائط تصميم الجرافيك فكرة خاصة وآلية تنفيذ خاصة ضمن فترة زمنية محددة وبشروط جمالية ووظيفية وتقنية محددة.
السؤال الآن كيف سيكون الامتحان؟
ما هي الأسس التي ستعتمد لذلك؟
من هو المتخصص القادر على وضع آلية للتقويم تربط النظرية بالتطبيق؟
هل الامتحان النظري هو اداة مثالية للتقويم ؟
هل كل مواد الخطة هي التي تحدد قدرة المصمم على التجاوب مع لغة السوق ولغة التطور الدائم؟
الحقيقة ان هناك مجموعة من المواد في الخطة الدراسية (النظرية والعملية منها) هي القادرة على تحديد مدى كفاءة الطالب المتخرج. ولذلك اتمنى ان لا يكون هذا الامتحان شبيه بامتحان الشامل لكليات المجتمع وما يؤول اليه، فهو ليس اختبار حقيقي وجميعنا يعلم ذلك خاصة في تخصص الجرافيك، يجب ان نفرق بين المصمم صاحب الفكرة المتميزة ا المصمم القادر على التحكم في برامج التصميم لصالح الابداع والتجديد، وبين المصمم القادر على تشغيل البرامج بامكانياتها أي ضمن مبدأ المدخلات والمخرجات ضمن دائرة محصورة. مع اننا نحتاج الى كليهما في السوق ولكن عند ترتيب الخطط الدراسية لكليهما كما يحدث عند تدريس المهندس ومساعد المهندس.
واعود لسؤالي كيف سيكون امتحان الكفاية حقيقيا وملبيا لأهدافه.
مصمم الجرافيك كالطبيب والمحامي في تخصصيهما، مهمته وضع حل لمشكلة ترويجية او توعوية وغيرها من خلال لغة بصرية بسيطة مباشرة قادرة على الاتصال.

نشر في جريدة الرأي الاحد 23 ابريل 2006

Saturday 9 February 2013

التـفـكـير بصــــــريا

كيف للمصمم ان يمارس التفكير البصري، المصمم المبدع يفكر في كل ما يراه وما يمكن ان يفكر به. فالمصمم الفنان يمتلك عينأ تختلف عن الانسان العادي، عينه تتبصر الأشياء بطريقة مختلفة اكثر عمقا وتحليلا. عين المصمم لا تتعامل مع القشور بل تقرأ فيما وراء السطح الخارجي. وبناء على هذه الحقيقة نجد أن المصمم المبدع قادرا على وضع الحلول البصرية الكفيلة بخلق حالة الاتصال البصري على ارضية فكرية مفاهيمية تعتمد البحث والتجريب.
المصمم المبدع يتبنى عناصر العملية التصميمية بنفس القدر من الاهتمام بالحل التصميمي ومن خلال مروره بالعملية الابداعية. وهنا نؤكدعلى مبدأ العملية التطبيقية لان في تصميم الجرافيك حل المشكلة البصرية والعملية الابداعية يحدثان متزامنين كنتاج لعملية متكاملة غير منقوصة وهما امرأ واقعا. ان لم يستطع تصميم الجرافيك (من خلال الجمالية والوظيفية اللذان يرتكزان الى الفكرة الابداعية) تحقيق غايات التصميم النهائية في الاتصال والتحفيز ، يصبح التصميم كالانسان الذي يتحدث الى نفسه.
تصميم الجرافيك ليس بمعزل عن الحقيقية انه فن وصناعة ابداعية قد تكون تجارية تسويقية توعوية أوارشادية من نتاج قدرات المصمم الفكرية والفنية والتقنية وقدرته على التخطيط لتوظيف مهاراته وكفاءاته في تحقيق رغبات زبونه واقناع جمهوره واختياره للمواد والوسائط والوسائل التي تخدم تصميمه، وبالتالي تحقيق حالة الاتصال البصري المتكاملة.

تصميم الجرافيك حالة ابداع ذكية تحدث اتصالاً بصرياً. لهذا نقول لمن يريد ان يسلك طريق تصميم الجرافيك ان التصميم فكر وليس فقط اداة نستخدمها كبرامج التصميم، هو فن توظيف كافة الادوات لخدمة فكرة التصميم في تحقيق غاياته. التصميم يعكس مستوى واسلوب تفكير المصمم ومدى نضوجه فنا وثقافة وادارة وسلوكا وخبرة وابداعاً.
التصميم يتطلب قدرة المصمم على خلق روابط فاعلة بين الابداع كحالة وعملية متسلسلة والعملية التصميمية كبحث وتحليل واقتراح وتقييم واختيار للتصميم كحل مناسب، الهدف منه التواصل وايصال الرسالة المرجوة للتحفيز والاقناع وتحقيق رغبات الزبون. تحقيق حالة التبادل في المنفعة بين احتياجات الجمهور المستهدف في منتج او خدمة او اي شكل من اشكال او ادوات الاتصال وبين مصدر المنتج او الخدمة.

المصمم في نظر ممارسي التصميم والمنظرين له هو واضع الحلول البصرية لمهام مختلفة في الصناعة البصرية مطبوعة كانت او مرئية الكترونياً. فهو صياد في البحث عن الحلول الملائمة. المصممون الجيدون عادة ما يمارسون الية او اليات محددة للولوج الى الفكرة منها:

• تحديد الهدف من التصميم المراد تنفيذه: 
لماذا نصمم ولمن؟ ما هي غاية ووظيفة التصميم المطلوب؟ من هو الجمهور المستهدف؟ ماذا فعل الآخرون في هذا الاتجاه؟ اين يقع التصميم المراد تنفيذه ضمن استراتيجية التسويق؟ 
• وضع استراتيجية العمل: كيف وما هي الخطوات اللازمة؟ 
ما هي ميزاينية العمل؟ ومتى هو مطلوب؟ كيف يتوقع شكله النهائي؟
• البديء بعملية البحث وجمع المعلومات حول موضوع التصميم؟ 
جزء من هذه المعلومات سيأتي بها الزبون حول المنتج او الخدمة والجمهور المستهدف والمنافسين ؟ والتصاميم المنفذه ضمن نفس الحقل. ولكن المصمم بحاجة الى اضافات معرفية تعينه.
• مشروع الفكرة: فكرة التصميم هي حالة ابداعية وهي التي تميز بين المصمم المبدع المتميز او المصمم التقليدي.
• تطوير الفكرة: نقطة الانطلاق نحو فضاء رحب في تطوير الفكرة فنيا ووظيفة من خلال فهم المصمم لموضوعه من خلال حجم ونوعية المعلومات التي تم تحليلها بعد تجميعها. وقدرته على اجابة الاسئلة التي تدور حول ماذا يريد وكيف يتواصل من خلال رسالة محددة وموجهة، كيف يقنع زبونه وجمهوره من خلال استخدام ذكائه.
• التصميم النهائي: وضع جميع عناصر التصميم في مكانها متكاملة ومتناغمة و ينتهي بها المصمم عبر العملية التصميمية. 

قدرات وثقافة المصمم تحددان مدى حنكته في جمع المعلومات الكاملة وتحليلها تحليلا دقيقاً وتساعده في وضع التصميم المناسب وتجنب تغييرات وتعديلات الزبون، وتمكنه من امتلاك مهارة التواصل مع زبونه واقناعه واكتساب احترامه. وللحديث بقية ان شاءالله.