Saturday 4 February 2012

حـلــم طـالـب تـصـمـيـم جـرافـيـك!

حلمه هو مجموعة احلام في حلم يبدأ منذ الايام الاولى من السنة الاولى.... هو يدرس الآن تخصصاً  يحسده البعض عليه... مع انه لا يعرف عنه الكثير... ففي المدرسة كانت حصة الفن تذهب لمعلم الرياضيات او العلوم او أي معلم لديه عجز. وما درسه في الفنون هو لملمات من تجارب لم تترك أي اثر.
المهم لديه انه بعد تخرجه  من الجامعة او الكلية سيصبح مصمم جرافيك.... وسيكون راتبه ممتاز وسينعم بالحياة التي يعيشها مصممو الجرافيك، او يفتعلها بعض مصممو الجرافيك. ..  والكثير من المميزات التي ان ذكرناها نتوه في الحديث عنها لذلك سنتركها.
في الكلية من الطبيعي انه سيكره مواد العملي التي تتطلب استخدام مهارة اليد وسيكره المواد النظري... وهو سيكتفي بقراءة خلاصة  ملخص المادة التي يتركها المدرسون في اكشاك الجامعة، عفوا ما تسمى محلات بيع الكتب واللوازم الاخرى للطالب الجامعي. لا بحث ولا قراءة في مكتبة الجامعة ولا خارجها وبهذا يضمن النجاح في الامتحان الاول والثاني والنهائي على مدار الاربع سنوات.
سيشتري لاب توب لان مصمم الجرافيك لا يستطيع الاستمرار والتطور بدون هذا الجهاز حيث اصبح الان لا مكان لدفتر الرسم  وقلم الرصاص اللذان كانا وما يزالان يلازمان طلبة الفن والتصميم الا عندنا ... فهذه اصبحت في عداد الماضي.

سيهتم الطلبة والطالبات في مظهرهم الخارجي باختيار احد المذهبين اما اللبس الكلاسيكي او اللبس الخنفشاري، واختيار احد هذين المذهبين يعتمد على البيئة التي نشأوا  فيها وطريقة فهمهم لشخصيتهم ولما ستكون عليه.  الموبايل وعلبة السجائر  والنظارات وكاسة القهوة ضرورات يومية للعب الدور.

في السنة الاولى ، حالة ترقب وفترة تعلم ادوات المضي بنجاح في الكلية...معرفة المدرسين والاسلوب المناسب لكل مدرس، مع من سيسجل المادة، من يجهد الطلاب ومن لا يجهد الطلاب. من يعطي معلومة جديدة ومن لا يعطي. من يتعايش مع تطور التخصص ومن لا يتعايش. من يربط التعليم بمتطلبات السوق ومن لا. والبركة في المرجعيات القديمة "الطلبة القدامى" . الجلوس على الادراج  وفي الممرات وبعض الايدي لا تعمل!؟
 وتمر السنوات ويبقى مرتبطا بحلم العمل...
... بعض الطلبة يركزون على مهاراتهم اليدوية ويهملون برامج التصميم. البعض الاخر يركز على مهارات برامج التصميم ويهمل المهارات اليدوية... البعض لا هذا ولا ذاك والبعض من هذا وهذاك و يهمل تماما المهارات الفكرية والفلسفية التي تختص في التصميم والتسويق والابداع وغيره.
البعض يبحث عن الطريق السهل لبلوغ الشهادة... والبعض يتعب ولكن لخلل ما في تطبيق الخطة الدراسية هنا وهناك يعاني ويكاد يتوه اذا التقى بمدرس لا يرى في الخطة الا ما يراه في قدراته.
ويبقى حلم العمل يراوده!
العمل في شركة كبيرة في الاردن او الذهاب الى الخليج.  المهم الحصول على الشهادة وعند دخول معترك الحياة العملية لكل حادث حديث، ولنحصر الحلم بهؤلاء الطلبة الجديون في التعلم وتطوير المهارات والقدرات، مصممو الجرافيك.
حلم مصمم الجرافيك هو خلق تصاميم ذات مغزى وقادرة على التواصل على المستوى البصري والفكري والعاطفي. هو حلم فرح لكونه مبدع  ولوجود شخص سيدفع له مقابل  القيام بصنع هذا الابداع. لكن من واقع هذا الحلم هو أنه غالبا ما يأتي معه ثمنا باهظا يؤثر سلبا على الروح الإبداعية. يذهب الى حقل العمل  فيجد هناك اجتماعات لا نهاية لها ، التنقيحات من  العميل  لا تعد ولا تحصى ويصبح العميل هو المصمم وزوجته مصمم وسكرتيرته مصممة، ومسؤول العلاقات العامة او التسويق مصمم ايضا والمدير الفني محبط، ومديرانتاج انفه في السماء،  وصاحب مؤسسة بينه وبين التصميم علاقة راس المال بالنشاط التجاري، لا يريد اضاعة وقت  وافكار خلاقة بل نقل من الكتب والانترنت.. والاعتراف بجهد المصمم في كثير من الأحيان قليلا مقابل هذه النضالات اليومية والشاملة للمصمم المبدع ان عمل في شركة لا تعرف اهمية ومهمة المصمم، و مفهوم الإبداع.
فينتهي الحلم... ويندثر ويتمنى لو لم يولد لكي يكون مصمم.

فقد قابل زميل له في العمل لم يدرس في الجامعة يتقن برامج التصميم ومراحل ما قبل الطباعة وما ان تعرفا  حتى قال له " مش عارف شو بتساووا بالجامعة اربع سنين"  " لا تآخذني اللي تعلمته في الدورة والسوق بغنيني عن شهادتك"  "العينات منكم كثيرة  الا القليل"  والمصمم يعتذر له قائلاً دخلت  الجامعة لكي اكون صاحب فكرة ادعمها بالتقنية التي تجيدها انت وساجيدها اكثر مع الوقت"
ومدير فني يقول للمصمم " سيبني حبيبي من النظريات انت في السوق هلقيت" " اتفرج في الكتاب وشوف شو بتقدر تعمل" " انا السوق اللي خلاني مديرك مش شهادتك"

الطالب يقول:  أفضل شيء العمل في قطاع التسويق،  ساعات دوام اقل والايراد اكبر... لا أحسن شي احصل على شهادة ماجستير كلها سنة وأعود بشهادة ماجستير...  اصبح مدرساً في الجامعة او ان عدت الى سوق العمل سيكون وضعي أفضل.
الطالب: لا ساعمل في المجال الحر وامارس التصميم من بيتي، لا مدير ولا ساعات دوام والسيارة موحودة.

الشمس أشرقت وبدأ يوم جديد وانتهى الحلم ....

لا بد لي كطالب ان اتعلم الكثير من مهارات الحوار والاتصال  لكي استطيع ان اتعامل مع مديري وزبوني وزميلي الى جانب ما اتعلمه من ادوات التفكير واسس التصميم والعمل ضمن الفريق واساليب عرض العمل . انا مصمم اذاً انا شامل في النظرية والتطبيق.
حتى تتطور مهاراتي وأصبح مدير فني علي الالمام بادارة التصميم والانتاج  والتسويق وان أكون ملما بكل ما سيقوم به كادري من الالف الى الياء حتى اكون على كفاءة في قيادتهم.

الحلم ... سيكون كارثة عند النزول للسوق لو لم نحسبها صح... جزء على المؤسسة التعليمية والباقي عليك. 


تم نشر المقالة في جريدة الغد
http://alghad.newspaperdirect.com/epaper/viewer.aspx