Sunday 15 August 2010

الفن والتصميم .. النظرية والتطبيق

منذ ان بدأ تعليم الفن والتصميم في الأردن ومع نشأة كلية الفنون في جامعة اليرموك وإنتشاره الواسع حتى غدا تخصصا في اغلب كليات وأقسام الفنون في الجامعات والكليات الاردنية. ومع ذلك لم نلحظ اية دراسة جدية تتناول هذه القضية تقييما وتحقيقا عبر قنوات المراقبة والتحليل.
ما زلت اذكر بعض الاوراق التي قدمت في ورشة عمل ادارتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قبل سنوات في خطوة منها لتحديد معايير اعتماد تصميم الجرافيك والتصميم الداخلي، ولا ادري ان تم توثيق هذه الاوراق ام لا. غياب هذا البحث يعد احد عوامل الضعف في تحديد مسارات تطور وتراجع مستوى التعلم والتعليم لتخصص تصميم الجرافيك. ولمعرفة من هو المؤهل لتدريس الفن والتصميم وان كان هناك ضرورة لوجود هيئة متخصصة لمراقبة ألية تعليم الفن والتصميم و ما اذا كان القائمون على تعليمه مؤهلين للعب مثل هذا الدور ام لا.
لقد كان متوقعا ان يكون للجامعات الريادية في تدريس الفن والتصميم دور مهم لتطوير نظام يحدد المؤهلات المطلوبة للمدرس القادر على تدريس الفنون والتصميم من خلال مبادرتها في الابتعاث المبكر للكوادر وعقد ورشات عمل وندوات متخصصة لرفع كفاءة وقدرات مدرس الفن والتصميم. وجعل هذه الكوادر مالكة للمؤهل والكفاءة ذات لغة قادرة على مخاطبة كل ما هو جديد والذي بدوره سيصب في تطوير أساليب ومضمون تدريس الفن والتصميم في الجامعات والكليات.
الآن و لعلمي ان بعض المدرسين يدرسون بعض المواد بما يتوافق مع قدراتهم بعيدا عن مضمون محتوى المادة واهدافها وغاياتها. حتى ان بلغ الامر ان تكون هذه المواد مكررة لنفسها عند الكثير من المدرسين. فالطالب لا يتعامل مثلا الا مع تصميم غلاف كتاب او بوستر في اكثر من مادة مع ان بعضها لا يتطلب ذلك. او خلط في تدريس المواد النظري دون عكس محتواها على ما يحتاجة الطالب في المستقبل او ربطها بواقع عملي . كيف لنا التأكد من هكذا حالة في غياب المتابعة المرتكزة الى نظام مؤسسي يعتمد على التقييم من خلال ادوات البحث والتحليل واقتراح الحلول التي تكفل التطوير.
لا يوجد ادلة او ثوابت على ان تدريس الفنون في الجامعات والكليات الاردنية قد تميز عن باقي المواضيع الاخرى ولا يوجد قراءات موثقة من قبل التعليم العالي حول تطور هذا المجال التعليمي او تسليط الضوء على الاصلاحات والتغييرات الهيكلية في هذا الاطار ومدى حصوله على مصداقية اكاديمية وبشكل حاسم ارتباطه بتدريس المهارة التي ترتكز الى الابداع والتقنية والمفاهيم الفكرية التحليلية والبحثية دون احداث فجوة بين مفهوم النظرية والتطبيق.
ان د راسة واقع تعليم وتعلم الفن والتصميم سينتج عنه اكتشاف أهمية سنة التحضير في الفن والتصميم قبل التعليم العالي. حيث سيكون الطلبة في المدارس مؤهلين من خلال جرعات محددة تعرفهم على مختلف تخصصات الفن والتصميم لجعلهم قادرين على الاختيار لدراستهم الجامعية او في الكلية. هذا الاعداد يعتبر جسرا اساسيا ين المدرسة والتعليم العالي، تصل المدرسة بالجامعة. علينا ان نقر على ان هناك هوة بين ما يدرس في المدارس وما يدرس في الجامعات والكليات. نجد اختلافاً واضحا في ثقافة المدرسة والجامعة او بين دور ما هو غير مهني للفن . فبدل ان تقوم المدارس بتدريس الطلاب مايمنحهم الخيار بين ان يتذوقوا الفن وان يصبحوا فنانين عند التفكير بالتقدم للدراسة الجامعية او في الكلية. فلا نجد واقعا لدرس الفنون في المدارس مما عززوساعد على هدم الجسر المراد بناؤه بين المدرسة والجامعة او الكلية. مع ان اغلب مدرسي الفنون في المدارس هم خريجو جامعات والمنطق انهم قد صقلوا لنقل تجربتهم وما فادهم مما درسوه، ومن جهة اخرى نتعاطف معهم لعدم سماح منهاج الفنون في المدارس بمنح المدرسين مساحة تمكنهم من تدريس الفن كما يراد له ان يكون بسبب هذه القيود. لا يمكننا القول ان مدرسي الفن في المدارس قد فشلوا في تعلم ما تعلموا في الجامعات. على قاعدة ان تأثير تعليم الفن والتصميم في الجامعات يعكس بنفسه على الخريجين سواء كانو ممارسين لمهنة التدريس او ممارسين للمهنة في السوق.
هذا ما يعزز القناعة بضرورة تغيير المنهاج في المدارس وفي الجامعات وان تم ذلك لا بد من الاخذ بعين الاعتبار خلفيات الطلبة التعليمية ومصادر معلومات الموجهة لهم الخاصة في الفن والتصميم وتعدد ثقافاتها والمتداخلة في التعليم. لا بد من اعادة تجديد او ابتكار وتدوير للعجلة بدءا من المدارس ومن ثم الجامعات والكليات، مرتكزة الى فهم واعي للفرق بين القن والتصميم من جهة ومواضيع اخرى. وهذا يعكس بنفسه على طبيعة قاعات التدريس وهذه بارزة تماما بحيث ان هذه الحقيقة تتعدى حقيقة تدريس الفن العملية. المساحات ليست بالضرورة هي العامل ولكن اختلافهم في نفس الموقع الواحد هو القضية . وهي تعد احد الاساسيات التي تساعد على فهم العوامل الاخري,
ما هو تعليم الفن والتصميم؟
ليس هناك رؤية محددة للاجابة على هذا السؤال، البعض منا قد يقول هو مجموعة من المعارف والمفاهيم التي تقدم الى الطالب. آخرين قد يرونه فرصة للتعبير عن شيء فريد وهناك من يتخذ موقفا بين هذين التناقضين، هو تعلم لانتاج الفن ومعرفته وفهمه وهذا يشمل الممارسة المهنية والمعرفة اللازمة لكي يصبح مصمما او فنانا. مع اننا نرى تعلم حرفة ما تكاد تكون جزءا اكثر اهمية سواء في مستوى التعليم المدرسي او الجامعي وهذا من النادر ان يحدث في الفن او التصميم.
المطلوب تشجيع الطلاب على ان يجدوا انفسهم والعمل على تحفيزهم وتشجيعهم على ممارسة حالة الاكتشاف والابداع. ومفهوم الابداع في تعلم وتعليم الفن والتصميم وهو الرغبة في العثور على الاسلوب الخاص وطريقة التعلم الخاصة لدى الطالب.وهذه مهمة المدرس في مساعدة الطالب على ان يجد اسلوبه الخاص وان يكون مسؤولا عن تنمية تعليمه.لهذا لا نجدها محصورة في مجموعة واحدة من المهارات او المعارف فطبيعة تعليم الفن والتصميم تحررية. ويجب ان يتجه تعليم الفنون والتصميم الى قدر اكبر من المساءلة عبر التركيز على التقييم والبحث. أعتمادا على ان الفن والتصميم يشكلان حالة استثنائية من خلال موقعهما المتميز والنظرة اليهما كتعبير عن قيم اجتماعية مثلى تحدد هوية المجتمع ونموه وتطوره.

Wednesday 4 August 2010

ثقافة اسمها تصميم الجرافيك

من الجميل ان يكون لدى الانسان المتعلم والمثقف ثقافة فنية تمكنه من معرفة حقائق تكاد تكون بسيطة، او حقائاق ضرورية عن علوم محددة كتصميم الجرافيك. جميل ان تجد انسانا عاديا قادر على اجابة السؤال التالي: ما هو تصميم الجرافيك؟
كثيراً ما يتردد هذا السؤال على العامة وحتى المتخصصين، وعند توجيه مثل هذا السؤال نجد احدى هاتين الحالتين، الاولى ان تُصطنع الاجابة والثانية ان يحدق بك في حيرة من امر من تريد ان يجيب. لنقل ان هذا امر طبيعي. ولكن بالرغم من تطور صناعة التصميم في وطننا، الا اننا نجد ان ثقافة الكثيرين تفتقر لمفاهيم واضحة حول مفهوم تصميم الجرافيك ودور مصمم الجرافيك .
مفهوم بسيط يلزم المختص بوضع الاجابة وان يقدمها دو تردد قائلاً ان تصميم الجرافيك هو جزء هام من حياتنا اليومية وهو الان احد اهم الاشكال الفنية التي نشهدها في كل مكان، اينما كنا، في البيت وفي السوق والمطعم والشارع وعلى الطرق الخارجية وفي دور السينما والمسارح وفي كل متجر ودائرة حكومية او خاصة. المطلوب من السائل فقط الامعان في هذه الاماكن وتصور معلوماتها. من المؤكد ان علامات الارتياح ستظهر على وجه السائل، حيث تبدأ رحلة الاستيعاب مع اعطاء امثلة لمواطن استخدام تصميم الجرافيك في الاماكن السابق ذكرها. ان تفوهت بكلمة تصميم جرافيك ستسمع كلمة اعلان كرد فعل سريع... السؤال الان هل هناك فرق بين الاعلان وتصميم الجرافيك؟ وان وجد ما هو؟
لماذا حالة الصمت هذه؟ ولماذا هذا الانكماش؟ لنرى ما هي الاجابة!
عرف تصميم الجرافيك على انه اداة ترويج المنتجات والخدمات والاعلان هو اداة بيع المنتجات والخدمات، اتدرون ان مثل هذه الحالة لا نجدها الان، الحواجز بين الترويج والبيع أصبحت اكثر وضوحا مع ظهور نظام العلامات العالمية والذي يرتكز الى تعزيز نمط الحياة من خلال بيع المنتج او الخدمة. ترويج وبيع اصبحتا ضمن القوة العالمية الجديدة. بناء عليه اصبح لتصميم الجرافيك تعريفا عصريا وهو فن الاتصال البصري للاعلام والتعليم والتأثير والاقناع وامتلاك التجربة البصرية التي تجمع الفن والتكنولوجيا لتوجيه رسالة محددة، لربما تكون حيوية في حياتنا اليومية وهي ببساطة قوة ثقافية.
ما الذي يقوم به المصممون؟
المصممون يتخيلون، يخططون وينفذون التصميم القادر على الاتصال والتوجيه المباشرلجمهور محدد. وكلمة مصمم هي بحد ذاتها تشير الى التخطيط وهو ما شاع تعريفه على انه فن ترتيب عناصر مادة ما يراد طباعتها اوعرضها الكترونيا. خلالها يحدد المصمم الاولويات ويضع عناصر التصميم في شكل متماسك ينتهي على شكل رسالة بصرية.
يمكن ان نجد أالمصمم ضمن حقول متعددة يتواجد ويعمل من خلالها كالقطاع الصناعي والثقافي والتعليمي، يمكن ان يكون ضمن قطاع الانتاج الضخم والمتوسط كالمطابع صناعة والوسائط المتعددة والافلام، في دو النشر وفي الدعاية والاعلان والتغليف واللافتات والانترنت ووسائط معلوماتية اخرى. وبطبيعة الحال المصمم يتعامل مع الصورة وتزاوجها مع الكلمة لابداع افكار تلبي طلب زبونهم وتؤثر في جمهورهم.
اين يبدأ مصمم الجرافيك؟
شبابنا اليوم يطرح هذا السؤال، اكثرهم يريد ان يصبح مصمماً معتقدين ان الامر لا يتعدى كبسة مفتاح الكمبيوتر واستخدام برامج التصميم دون الاحاطة بضرورة الاعتماد على مواد تأسيسية اخرى وهي اسايسة في دراسة التصميم، مبادئه ونظرياته ومنهجياته.ببساطة اساليب بناء الفكرة والتحكم بالعملية التصميمية. البعض يرفض مثل هذه الاطروحات ويكاد ان يتهموك بالتضخيم وخاصة عندما تتحدث عن اهمية تعلم الرسم والتعرف على مفردات اللغة البصرية حتى يمكنهم من التأهل الى بلوغ عملية االاتصال وتمكين الاخرين من الفهم. لا يعلمون ان اللغة البصرية تتكون من عناصر التصميم الاساسية في نظام البعدين او الثلاث ابعاد وفي الخط والشكل والملمس والقيمة واللون والتكوين والحجم والكتلة والفراغ و كيف له ان يجمع بين هذه العناصر ليخلق توازنا ووحدة ونسبة وتناغما وتسلسلا.
التصميم فكر وخطة وعملية متسلسلة ومتماسكة.
العملية التصميمة !
في المجال المهني تعتمد العملية التصميمية على قدرة المصمم في تحديد اهداف زبونه من المشكلة البصرية المراد حلها ومن ثم التحليل حيث تصبح الاهداف محددة وواضحة ومفصلة. وتتطور العملية التصميمية من خلال قدرة المصمم على تطوير تصوره لكل مرحلة اعتمادا على نظرته الشاملة لموضوع العمل المحدد. قدرته على الاستماع لزبونه عند تحديد اهدافه وتوضيحها فالهدف هو النتيجة المرجو لايصال الرسالة المحددة. قدرته على التعرف على المشكلة وفهمه الواضح لها هما اساس البديء في تصميم ناجح. ونعني تحديد المشكلة والبحث والتحليل والتنفيذ كأسس للتصميم الناجح وهي مراحله.
البعض يعتقد جاهلا ان العملية التصميمية تبدأ مع مسك الفارة والبديء بالعمل بالارتكاز الى مكتبات وادوات برامج التصميم دون عصف ذهني وتطوير للافكار. الكمبيوتر اداة تساعد عل تنفيذ التصميم الجيد ولكنه لا يخلق فكرة جيدة متميزة. جوهر تصميم الجرافيك اكبر من تصميم لاجل تجميل رسالة ما لجمهور معين. مفهوم خاطيء لدى الكثيرين عن الفكر الابداعي واهميته، وضرورة امتلاكه فهو الاصالة لبناء فكرة وتطويرها وتوجيهها لأهدافها معتمدة على خلق ثافة بصرية وفكرية للمصمم تكون ارضا خصبة لانتاج وابداع الأفكار من خلال الاطلاع على اعمال ممتازة وقراءة مدروسة تعزز المضمون الفكري والابداعي وتساعد عل الاهتمام في المضمون وحل يحقق المعنى والاهمية.
لهذا تأتي أهمية تدريس المصممين في الكليات والجامعات، لاعدادهم اكاديميا لكي يكونوا قادرين على استيعاب مه هم قادم في الممارسة المهنية، اعتمادا على فكرهم الابداعي واتقانهم للعملية التصميمة التي ترتكز الى مهارات ومؤهلات يجب ان يسلح المصممون بها، لتمكين وعيهم بالواجبات النظرية والعملية التي تمكنهم من تحديد الاسس البصرية وتحديد الحلول البصرية المناسبة اعتمادا على منهج عملي وعلمي من خلال البحث والتجربة على قاعدة الفكر الذي ينمي الفضول الاصيل وحثهم على المشاركة في التعلم والممارسة.