Saturday 14 May 2011

التكعيبية كأحد التأثيرات الحديثة على تصميم الجرافيك

ظل الفنانون منذ العصور القديمة حتى أواخر القرن التاسع عشر يتنبؤون بمحاكاة الأشكال الطبيعية المرئية في الأعمال التشكيلية كافة التي نفذوها , إلا أن مطلع القرن العشرين شهد تغيراً جذرياً في تاريخ الفنون , حيث بدأ الفنانون يهتمون بابتكار وسائل جديدة للتعبير عن تصورهم للفن حتى يلائم التطور الحضاري الذي يحدث في العالم الحديث ونتج عن هذه التغيرات ظهور ثلاث مدارس فنية في نفس الوقت تقريباً التكعيبية في فرنسا والتعبيرية في ألمانيا والمستقبلية في ايطاليا.‏ وبطبيعة الحال تصميم الجرافيك لم يكن بعيداً عن هذا الحال، فقد وقع تحت تأثير هذه الاتجاهات وغيرها وتاريخ تصميم الجرافيك حافل بالعدي من الامثلة، وهذا ما يدعونا دائما لدراسته وتتبع مراجل تطوره.


المدرسة التكعيبية هي اتجاه فني ظهر في فرنسا في بدايات القرن العشرين الذي يتخذ من الأشكال الهندسية أساسا لبناء العمل الفني إذا قامت هذه المدرسة على الأعتقاد بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصولا للأجسام .

نشأت التكعيبية بعد المدرسة التأثيرية سنة 1907م كرد فعل من الفنانين التكعيبيين على المدرسة التأثيرية التي اعتمدت فلسفتها على النظرة المباشرة للأشياء وما تراه العين وتسجيله حسب تأثير الضوء والزمن على الأشياء. اهتمت التكعيبية بفكرة وحدة الصورة المرسومة على سطح ذي بعدين وبتحليل الأحجام وعلاقتها. وحقق ذلك التكعيبيون بتعمدهم إهمال رسم الأشياء كما هي، والسعي لإيجاد التكوين الكلي للشيء المراد تصويره، ومع توضيح وضعه في الفراغ وفي سعيهم لتحقيق هذا، فإن التكعيبيين قد جعلوا الصورة تحمل فكرة الشيء المرسوم وذلك برسمه من جهات متعددة في وقت واحد.

اسم التكعيبية كالتأثيرية والوحشية أطلق على الفنانين رغم معارضتهم الشديدة له. فقد عارض كل من بيكاسو Picasso وبراك Braque -وهم زعماء التكعيبية- هذه التسمية إلا أنهم لم ينجحوا في تغيير اسمها.

يعتبر الفنان بول سيزان 1839 - 1906 أبا الفن الحديث وهو أول من خطط للتكعيبية ومهد لها، فقد كان يكرر أن المخروط والكروي والاسطواني هي أشكال ينبغي على المصور أن يبحث عنها، فهو أول من لفت الانتباه للتكعيبية.

وقد مرت التكعيبية بمراحل :

1- التكعيبية التسطيحية (1906 - 1909م): وهي فترة التأثر بالفن والنحت الإفريقي الذي بسط الأشكال ولخصها في الأحجام الأساسية.

2- التكعيبية التحليلية (1909 - 1912م): التي توضح المظاهر المختلفة للشيء الواحد وتهمل المنظور وتستخدم التراكم، ومن هنا ظهر التركيم.

3- التكعيبية التركيبية (1912 - 1914م): وتترجم كل شيء مُشاهد إلى رموز بصرية، وتجعل لكل شيء رمزاً مقابلاً له. وبهذا تجعل الفن شيئاً موازياً للحقيقة أو للواقع، وليس انعكاساً أو تصويراً له.


لقد تأثر مصمموا الجرافيك بما امتازت فيه حيث أعتمدت التكعيبية الخط الهندسي أساسا لكل شكل كما ذكرنا فاستخدم فنانوها الخط المستقيم و الخط المنحني ، فكانت الأشكال فيها اما أسطوانية أو كروية ، وكذلك ظهر المربع والأشكال الهندسية المسطحة في المساحات التي تحيط بالموضوع ، وتنوعت المساحات الهندسية في الأشكال تبعا لتنوع الخطوط والأشكال واتجاهاتها المختلفة. و لهذا فإن التكعيبية ركزت على فكرة النظر إلى الأشياء من خلال الأجسام الهندسية وخاصة المكعب ، فهي تقول بفكرة الحقيقة التامة التي تأخذ كمالها وأبعادها الكلية ، عندما تمتلك ستة وجوه ، كالمكعب تماما, فالتوصل إلى هذا الهدف لا يتحقق إلا عن طريق تحطيم الشكل الخارجي والصورة المرئية.

لا يمكننا تجاهل الاتجاه وتأثيره على اسلوب عمل مصمم الجرافيك، فكراً وفكرة وتنفيذا. اعتقد ان الاعمال ادناه هي احسن تمثيل للتأثير. فقد استطاع المصمم توظيفه في اعماله بعد معرفة ميزاته . مما يعكس اهمية خاصة لثقافة المصمم في تنمية لغته البصرية وتوظيفها على أكمل وجه. حيث ترفع من وتيرة ابداعه وتنوع اساليبه.









No comments: