ماهي حدود تعليم تصميم الجرافيك في جامعاتنا وكلياتنا؟ هنا نحن نتحدث عن تعليم وليس تدريس تصميم الجرافيك!
نلحظ بين ثنايا تجربة تعليم تصميم الجرافيك في جامعاتنا وكلياتنا العديد من المشاكل التي تنتج عند بعض مدرسي تصميم الجرافيك ( كنتيجة لعدم المعرفة العميقة بالتخصص) حيث توفر القليل من فرصة التعليم للطلبة الملتحقون في جامعاتنا وكلياتنا لدراسة التخصص، مما ينتج عنه عدم اكتساب خبرة الأداء. حيث لا يركز المدرسون على العوامل التي تؤثر ايجابيا على مسيرة التعلم ومخرجاته. وانما التركيز على المشكلة التي يتوجه الطلاب لحلها كالملصق او الإعلان او المطوية او الموقع الالكتروني او الهوية التجارية وغيره من الوسائط الجرافيكية التي تساهم في حل مشكلة بصرية للاتصال في مجال العرض والترويج، المعلومة والتوجيه والمطابقة والتماثل.
البعض من مدرسينا لا يعتبرون أنفسهم ملزمين بتحديد المشكلة وضرورة عرضها على الطلبة بأسلوب يعزز تحفيزهم على التفكير والتحليل وتنمية قدراتهم. فالبعض لا يدرك ان التعلم ليس نتيجة تلقائية للتدريس، وان التدريس الفعال يتطلب القدرة على تحديد المهارات التي يحتاجها الطالب وكيفية تنمية اكتسابها عبر مراحل حل المشكلة، من خلال تحليل المضمون واعتماد آليات العملية التصميمية ومعاييرها نحو التعلم.
الكثير من مدرسينا يتعاملون مع النسبية دون الاعتراف بها.حيث تطبق فقط عند تثبيت علامات الطلاب في نهاية الفصل, دون السعي الى ايجاد برامج تمكن الطالب الجيد من التفوق والارتقاء بإبداعه، والطالب المتوسط على التطور واما النسبة القليلة وهي الضعيفة ان ترسب لكي تختار تخصصا آخر يمكنها من التفوق. لأن هذه النسبة من الطلبة الضعفاء ستمضي في وتيرتها ولن تتطور بينما النسب الأخرى ستحافظ على وتيرتها في التطور.
في عالم تعليم تصميم الجرافيك المتغير، يبقى هناك شيئاً ثابتا ألا وهو عدد الطلبة الراغبين بالتعلم وهؤلاء يحتاجون إلى مدرس(معلم) ذكي، مهتم، ممارس وان كان متخصصاً خير وبركة. لأنه سيكون قادر على تعليم هذا التخصص من خلال فهم حقيقي لدوره ومهامه وفهمه لنوعية المنتج المطلوب إنتاجه (الطالب)، ليس فنان تشكيلي ولا فنان جرافيك بل مصمم فنان في مجال تصميم المعلومة لغاية الاتصال والتواصل البصري, صاحب فكرة يرتكز في بنائها إلى جمع المعلومات وتحليلها ووضع الحل المناسب وتقييمه وتنفيذه عبر استخدام فكر تصميمي متقدم.
هناك نقص دائم في أعضاء هيئة التدريس المؤهلين، نحن بحاجة الى بناء تجمع اكبر من المدرسين المؤهلين عبر تجديد افق واعد لتأهيل الكم المطلوب ودعمه لتجديد واقع تعليم التصميم وبنيته الأكاديمية. ولنعتبر هذه المقالة والمقالات التي سبقتها فكرة لتشجيع الأكاديميين المتخصصين والقائمين على اعتماده،على تشجيعهم لإعادة النظر في تصميم الجرافيك وتعليمه كقضية وأسلوب ابتكارين في بناء الأفكار والأساليب اللازمة لخلق بيئة تعليمية دائمة وداعمة.
القطاع الأكاديمي بحاجة إلى معلمين يحملون الكثير من الذوق والقدرة العالية على ان يكونوا معلمين مالكين للرغبة والاهتمام في التصميم كتخصص ناجح على أرضية تعتمد في إستراتيجيتها على زراعة البذرة الأولى لفكرة التعليم المبكر والمتطور تراكميا قبل دخول الطالب ميدان العمل.
في مجال تصميم الجرافيك، فلسفة التعليم ترتكز على فلسفة التعلم ومن خلال هذا المفهوم لا بد من التفكير في مضمون الفلسفة باعتبارها اداة تعلم. حيث ان الفلسفة هي مسائلة العمل، فالنجاح يقاس من حيث الاستجابات السلوكية حول كيفية استجابة الجمهور للتصميم فكرة وعمل ورسالة. والنجاح في التدريس يجب ان يقاس استنادا الى الاستجابات السلوكية ( معرفي) ولهذا نستخدم كلمة تعلم بدل تدريس حيث تعني هرميا تعلم وبناء ونمو.
التعلم المنظم هو الإستراتيجية في عملية البناء التعليمي، حيث يتعلم الطلبة من مساق واحدة في وقت واحد. كل فصل يشكل لبنة وفي داخلها مجموعة من اللبنات الصغيرة، أصغرها قد يكون فكرة تعليمية، مهارة مكتسبة، رغبة، او فهم ناتج عن واجب أو حلقة نقاش.
الحقيقة تقال، في تعليم تصميم الجرافيك لا بد للطالب من بناء مجموعة من اللبنات في كل مساق ، حيث تكون هذه اللبنات محققة لغاياتها ومغزاها، ومن خلالها يتقدم الطالب ويتطور أداءه بطريقة منطقية عبر مراحل التعلم المتعددة.
يكون دور المعلم فيها هو ضبط المحتوى وترتيب لبنات التعلم لان التعلم يرتكز في جوهره على عملية النمو والبناء وحالة الديمومة في التطور، وهذا ما يعزز نمو الطالب في نفس الوقت الذي يتعلم فيه عملية البناء، ويتم مساعدته وتحفيزه على النمو، حيث يكون النمو مطلبا له من خلال منحه الفرص الكفيلة بالنمو.
كل معلم مسئول عن تفعيل خطة المساق نحو تحقي أهدافها وغاياتها ضمن سلسلة متصلة من لبنات النمو والبناء ومن خلال وضع حلول متنوعة للواجبات والتمارين والامتحانات التي تعزز حالة الإبداع وتدفع بوتيرته مانحا الطلبة الحرية والفرصة للتعلم من خلال اعتماد مبدأ النمو.
هذا يحتاج الى التغيير في الأساليب وتطويرها، فالتغيير مهم في الاتجاه نحو التطوير. عمليتا البناء والنمو هما تغير مستمر وهكذا هو الحال في تصميم الجرافيك وتعلمه. لا بد للمعلم من أن يضع نصب عينيه حقيقة أن الطلبة يتعلمون بطرق تختلف عن الطرق التي تم تعليمه بها أسلوبا وتنفيذا. الطلبة الأن يتعلمون وينمون في بيئة اغلبها رقمية، مهنة وممارسة وتعليما. وفي مثل هذه البيئة تتغير التقنيات التي تترك اثرها الكبير على تصميم الجرافيك.
هذا ما يتطلب من المعلم التركيز على العملية التصميمية وأساليبها المعرفية وما تتخذه من أشكال متعددة. تعليم تصميم الجرافيك هو تعلم العملية التصميمية وأساليب بناء الفكرة ومن هنا اتت اهمية البحث واكتشافاته وأهمية الرسوم الأولية وغيرها من التطبيقات الذهنية والعملية. حيث تعتبر اهم أدوات تعليم تصميم الجرافيك و في الربط بين النظرية والتطبيق.
ليقوم المعلم بمراجعة العملية التصميمية بشكل دوري متوقفا عن حل المشكلة للطالب بل تعليمه كيفية إيجاد الحل عبر مراحل العملية التصميمية. ويؤكد على أن الوظيفية في التصميم هي الأهم والجمالية مكملة لها. التصميم الجميل لا يكفي، اما التصميم الجيد فهو الذي يعمل مؤكدا غاياته ومتعديا اختبار الاستخدام.
استنادا الى هذه الحقائق يجب تعليم الطلبة كيفية تقييم فاعلية تصاميمهم ارتكازا إلى استمرارية التعليم. لتلاشي حالة نسيان الطلبة لما تعلموه عبر انتقالهم من مستوى الى آخر خلال الفصل الدراسي، وهنا يكمن دور المعلم و اهمية مراجعتة لما تم تعلمه باستمرار للعمل على تحفيز الطلبة على تطبيق ما تعلموه في اكثر من تمرين والتمارين التي تليها.
لهذا انت كمعلم عليك ان تداوم على مبدأ الاستعداد وعدم التخلي عن الموائمة والملائمة والمضمون. فهي تشكل اركان مهمة في التعليم. اغلب الدراسات والأبحاث التي تتناول مثل هذه القضايا اقرت نتائجها بنظرية الاستجابة التي كنتاج للجاهزية. فعندما يكون الطالب جاهزا فهو يستجيب (ومثل هذه الحالة تختلف في قياسها من طالب الى آخر). ايضا يؤثر بها بناء الخطة الدراسية وطرق تنفيذها وأساليبها التي يجب ان ترتكز على بناء الصلة بين الموضوع وسياقه حتى تتحقق حالة الاستعداد للاستجابة.
اذا المعلم يشكل الحلقة الأهم في ربط لبنات التعليم لكي تكون مندمجة ومتكاملة مع بعضها البعض لتمكين الطلبة من التعلم من خلال تعريفهم بمكونات لبنات تعليمهم، مما يبعث فيهم الرغبة في التعلم. من خلال ربط المقررات ببعضها البعض للتأكيد على المضمون والعملية التصميمية ولخلق طالب قادر على التعلم والإبداع. الى جانب تركيز المعلم على عمل ما هو فاعل ومؤثر والابتعاد عن فعل ما لا يؤثر استنادا إلى أن الفعل والتأثير هما أدوات القياس لتطور الطالب والمعلم في العملية التعليمية.
فالفعل يتأتى من خلال تحليل المتغيرات المتعددة و تحديد ما هو الجيد والملبي لغاياته. فكل ما هو فاعل متغير بفعل تغير المتغيرات مع مرور الوقت.حيث التكنولوجيا والوسائط والعلم يتغيرون.
لذلك ! نحن أيضا وتعليمنا علينا أن نتغير.
No comments:
Post a Comment